/ الفَائِدَةُ : (150) /

20/07/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / أَخَذَ سَيِّد الْأَنْبِيَاء البيعة لأَمير المؤمنين وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ مرَّات عديدة / إِنَّ سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ واله أَخَذَ البيعة لأَمير المؤمنين ولسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ في غير موقعة الغدير كرَّات ومرَّات : أَحَدَها : في الأَيَّام الأُولىٰ من الدَّعوة السِّرِّيَّة البالغة خمس سنوات ـ بحسب جملة من الروايات الحديثيَّة والتَّأريخية ـ وحين نزل بيان قوله تعالىٰ : [وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ] (1) ، وكانت هذه البيعة في نطاق بني هاشم ، وقد وردت في روايات متواترة عند الفريقين ، فعقد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مجلساً لثلاث مرَّات ضَمَّ أَربعين رجُلاً من كُبَّار بني هاشم . الأُخرىٰ : عقدها في نِطَاق المهاجرين . الثَّالثة : عقدها في نِطَاق ثلَّة من الأَنصار . وَهَلُمَّ جَرّاً ، إِلى نهاية العهد النَّبويّ ، فأَخذها من أَبي طالبٍ وجعفرٍ وحمزةٍ عليهم السلام ، بل كان يأخذها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في ليلة كُلّ غزوةٍ وحربٍ في نطاق خاصٍّ ، فأَخذها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ علىٰ أَمير المؤمنين وعلىٰ فاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر عليهم السلام ، بل وأَخذها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في نِطَاقٍ عامٍّ بين المهاجرين والأَنصار ، وفي مواطن عديدة وحسَّاسة . ثُمَّ إِنَّ جميع هذه البُيُوعَات ليست منشأً للإِلزام ـ ؛ فإِنَّه تَمَّ عِدَّة مرَّات ، وفي عوالم مُتعدِّدة في العوالم السَّالفة ، كعَالَم الذَّرِّ والميثاق وعَالَم الأَصلاب ـ ، وإِنَّما هي تجديدٌ لذلك العهد وتوكيدٌ له . فلاحظ : بيانات الوحي المُشيرة لذلك ، منها : 1ـ بيان سيِّد الأَنبياء مُخاطباً أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِما وعلىٰ آلهما : « أَنْتَ الَّذي احتجَّ الله به في اِبتداء الخلق حيث أَقامهم فقال : [أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ] ، قالوا جميعاً : [بَلَى] (2) ، فقال : محمَّد رسولي ، فقالوا جميعاً : بلىٰ ، فقال : وعَلِيٌّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ، فقال الخلق جميعاً : لا ؛ اِستكباراً وعتوّاً عن ولايتكَ إِلَّا نفر قليل ، وهم أَقلّ القليل ، وهم أَصحاب اليمين » (3) . 2ـ بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « إِنَّ الله عرض ولايتي علىٰ أَهل السَّماوات وعلىٰ أَهل الأَرض ، أَقرَّ بها مَنْ أَقَرَّ وَأَنكرها مَنْ أَنكر ، أَنكرها يونس فحبسه الله في بطن الحوت حتَّىٰ أَقَرَّ بها » (4) . 3ـ بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، قال : « لو يعلم النَّاس متى سُمِّيَ عَلِيّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ لم ينكروا حقَّه . فقيل له : متى سُمِّيَ ؟ فقرأ : [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى] الآية (5) ، قال : مُحمَّد رسول الله صلى الله عليه واله وعَلِيّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ » (6) . 4ـ بيانه (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) أَيضاً : « إِنَّ الله تبارك وتعالىٰ حيث خلق الخلق ... قال : [أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ] (7) . قال : ثُمَّ أَخذ الميثاق علىٰ النَّبيِّين فقال : أَلستُ بربِّكم ؟ ... وأَنَّ هذا محمَّد رسول الله ، وَأَنَّ هذا عَلِيٌّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ ؟ قالوا: بلىٰ، فثبتت لهم النُّبوَّة ، وأَخذ الميثاق علىٰ أُولي العزم أَنِّي ربّكم ، ومُحمَّد رسول الله ، وَعَلِيّ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وأَوصياؤه من بعده ولاة أَمري وخزَّان علمي ، وأَنَّ المهديّ أَنتصر به لديني ، وأظهر به دولتي ، وأَنتقم به من أَعدائي ، وأُعْبَد به طوعاً وكرها . قالوا : أَقررنا وشهدنا يا ربّ ، ولم يجحد آدم ولم يقرّ فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ، ولم يكن لآدم عزم علىٰ الإِقرار به وهو قوله عَزَّ وَجَلَّ : [وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا] (8) » (9) . 5ـ بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « في قوله : [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ] (10) ، قال : أخرج الله من ظهر آدم ذرِّيَّته إِلى يوم القيامة كالذَّرِّ فعرَّفهم نفسه ، ولولا ذلك لم يعرف أَحد ربّه ، وقال : أَلَست بربِّكم ؟ قالوا : بلىٰ ، وأَنَّ محمَّداً رسول الله وَعَلِيّاً أَمِير الْمُؤْمِنِينَ » (11) . ودلالة الجميع واضحة. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الشعراء: 214. (2) الأَعراف: 172. (3) بحار الأَنوار، 26: 285/ح43. اليقين: 46ـ 47. (4) بحار الأَنوار، 26: 282/ح34. بصائر الدرجات: 22. (5) الأَعراف: 172. (6) بحار الأنوار، 26: 285/ح٤٤. اليقين: 55. (7) الأَعراف: 172 (8) طه: 115. (9) بحار الأنوار، ٢٦: ٢٧٩/ح22. بصائر الدرجات: 21. (10) الأَعراف: 172 (11) بحار الأَنوار، 26: 280/ح23. بصائر الدرجات: 21